ليبيا – 29 مايو 2022م (وام)
بعد تمرّدها على الجسم الشرعي الذي منحها الثقة لتصريف الأعمال وعقد الانتخابات، تواصل الحكومة المنتهية ولايتها العمل ليلاً ونهارًا بُغية سطوتها على مقاليد السلطة.
حكومة الدبيبة في حين ترفض تسليم السلطة للحكومة المكّلفة من السلطة التشريعية في البلاد، أخذت لنفسها بعد السلطة التنفيذية صلاحيات السلطة التشريعية، بإعلانها من وحي خيالها طبقًا لهواها تنفيذ انتخابات برلمانية تقوم باختيار حكومة تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية.
عبدالحميد الدبيبة أكّد مُنذ انتهاء صلاحية حكومته رفضه المطلق تسليم مهامه لحكومة فتحي باشاغا، ملوّحاً باستخدام القوة وإدخال البلاد في حرب أهلية ستؤدي إلى انهيار كلّي للدولة؛ ليرفع مؤخّرا سقف تهديداته بعروض عسكرية وتحشيد للمقاتلين والسلاح، مما جعل طرابلس أسيرةً للمليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، أمام مرأى سفارات الدول والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية الموجودة بطرابلس.
الحكومة الشرعية دخل رئيسها فتحي باشاغا إلى طرابلس بسيارة مدنية، وتعرّض لهجوم من تشكيلات مسلحة قامت بإطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، في صبيحة روّعت أهالي المدينة، وأدت إلى خروج باشاغا منها تفاديًا للفتن و إراقة الدماء.
الدبيبة في بيان له اتهم ما يسمى بآمر المنطقة العسكرية “أسامة الجويلي”، بسعيه لنشوب حرب، بعد تمركز قوات تابعة له من الزنتان في أحياء ومناطق متفرقة بمدينة طرابلس، ومرور رتل عسكري له من أمام منزل الدبيبة، الذي لا تنفك مليشياته من الدخول في اشتباكات مسلحة وسط المدنيين آخرها ما وقع في منطقة جنزور.
دولياً كانت ردود الفعل مشددة على ضبط النفس و عدم الانجرار للحرب، كما أشارت إلى أن الوضع في العاصمة مليئ بالتوتّر والهدوء الحذر وسط تحشيد مستمر لمليشّيات الدبيبة، و أصدرت عواصم دول كبرى فعالة في المشهد السياسي الليبي بيانات تُطالب بتجنب إشعال فتيل الحرب، في حين أكّدت جلسة مجلس الأمن حول ليبيا أن طرابلس تشهد مظاهر مسلحة واحتقانا واستياءً شعبيًّا داخلها.
في خط موازي لجنة المسار الدستوري المشكلة بين مجلسي النواب والدولة توصّلت في القاهرة لاتفاقات مبشرة حول المرحلة المقبلة، بينما اجتمعت اللجنة العسكرية 5+5 في إسبانيا لتقريب وجهات النظر وما يخص توحيد المؤسسة العسكرية، وإعادة دمج التشكيلات المسلحة بها.
ولم يبقَ إلا الدبيبة وحكومته منتهية الولاية تقف عثرةً أمام قيام الحكومة الليبية بمهامها في ملفِّ المصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات، مكرّراً أنه لن يتركَ السلطة وإن ذهبت ليبيا لحرب تأكل الأخضر واليابس وتقضي على النسل.
وضع معقد الأيام كفيلة بمعرفة ماذا سينتج عنه من مخرجات، فهل يواصل الدبيبة تمسّكه بكرسي الحكم أو تكون للشرعية والشعب رأيٌ آخرُ ؟