تُعد مجلة الليبي رغم قِصَر عمرها عام من تاريخ الصدور تحديداً علامة فارقة في المشهد الثقافي الليبي، وصوت صادح ضد كل أشكال التعتيم الظلامي، فهي تُعني بالفكر الحر والإبداع والسينما والفن، بالإضافة إلى نشر الوعي بالهُوية الليبية، وتوطيد مفهوم المواطنة والاهتمام بكل ما يتصل بتاريخ ليبيا من آثار وعادات وتقاليد شعبية، وهذه سمة مجتمعة في جميع أعدادها، ومن هنا أتخذ لها اسم )الليبي( .إن مجلة الليبي التي تصدر شهرياً عن مؤسسة الخدمات الإعلامية بمجلس النواب نجح الساهرون عليها )وهم طاقم شاب غيور( في استقطاب أقلام جادة من الأدباء والكتاب والفنان على المستوى المحلي والعربي معاً، أثروا أعداد المجلة بموضوعات متنوعة ثقافية وفكرية في جميع حقول المعرفة الإنسانية، وهذا في حد ذاته إضافة مهمة في مسيرة التنوير التي طالما سعت إليها منابر ليبية مماثلة نذكر منها: مجلة رؤى، مجلة فضاءات، ومجلة الثقافة العربية وغيرها من المجلات والصحف والمنتديات التي أخذت على عاتقها السير نحو تحديث المجتمع والنهوض بالعقل الليبي وانتشالها من ثقافة البؤس والزيف والجهل ومايلحقها من مظاهر التعصب القبلي والجهوي، وهما العامل الأساس في تعثر المجتمع الليبي في مواكبة الحداثة لعدة عقود رغم استقلال ليبيا في وقت مبكر تتميز مجلة الليبي بسياستها التحريرية المحايدة، فهي تهدف إلى ثقافة الاختلاف والتباين في الآراء، ولعل نصوصها تكشف هويتها في الاعتناء بهذا المطلب الأصيل، فهي لا تنتمي إلى تيار محدد أو تكرس لوجهة نظر معينة، وإنما تهدف بالدرجة الأولى إلى نشر الإبداع بما ينضوي تحته من فنون الشعر والمسرح والسرد إلى جانب اهتمامها بأدب الرحلة والسفر، إن مجلة الليبي بطرحها المتميز وبأفكارها التنويرية تحاول وهو مما يُحسب لطاقم تحريرها الإسهام في خلق مستقبل مشرق، وذلك عبر مواجهة القبح والظلام باختيار الفن، وبانفتاحها على الحرية وتقديرها للإبداع والمبدعون، إذ أنها تدعو إلى تخليص الثقافة من التمركز حول الأيديولوجيا الذي حوّل الكتاب والمثقفون إلى كتل لا تاريخي تعمل وفقاً للانتماءات الجهوية والقبلية والحزبية الضيقة. من هنا، فإن مجلة الليبي باختلاف أصواتها وعمق مضامينها تجمع بين أصالة الفكر العربي وحيوية الحداثة الغربية من جهة، وبين قيم الهُوية والاصالة والتواصل مع الآخر من جهة أخرى. إنها باختصار دعوة صادقة ضد التناحر والحروب وإلغاء الآخر. أخيراً، أتمنى لأسرة تحريرها مسيرة موفقة، وتواصل مستمر لتكون على الدوام نافذة للإبداع والمبدعون.