تقرير
ليس فقط شمال أفريقيا أو حتى الشرق الأوسط الذي يواجه أوضاعا متوترة، خاصة خلال العقد الثاني من القرن الحالي .. بل إن القارة الأفريقية برمتها شهدت منذ استقلال معظم دولها من الاستعمار الغربي في ستينيات القرن الماضي نحو 200 انقلاب عسكري.
ووصل الاضطراب وعدم الاستقرار غرب أفريقيا وسط سيناريوهات ضبابية تهدد مستقبل المنطقة، باتساع رقعة الفوضى والتهديدات، لاسيما في ضوء الأزمات السياسية المتتالية وتآكل المؤسسات الديمقراطية، ما ترتب عليه وقوع الانقلابات العسكرية بشكل يدعو للقلق على مستقبل شعوب المنطقة، والتي كان آخرها الانقلاب في غينيا كوناكري.
منطقة غرب أفريقيا رغم الموارد الطبيعية الضخمة التي تتمتع بها والتي يشكل معظمها عنصرا أساسيا في العديد من الصناعات الثقيلة في أوروبا والصين والولايات المتحدة وآسيا؛ إلا أنها شهدت خلال أقل من عام واحد فقط 4 محاولات انقلاب، بالتزامن مع ما تشهده من تنامٍ واسع لجماعات العنف والتطرف التي تستغل تأزم الأوضاع، ما جعل المنطقة عموما بيئة مواتية وجاذبة للإرهاب والعنف .
الانقلابات في غرب أفريقيا أصبحت وسيلة للاستيلاء على السلطة، في غياب شرعية حقيقية، وعادلة تعمل على تلبية طموحات ورغبات شعوبها وفي غياب الدستور وانهيار القانون، وبذلك تبقى التحديات كافة متشابهة إلى حد بعيد … أما الملفت للنظر فإن هذه الانقلابات تكسب في كثير من الأوقات التعاطف الشعبي، وهو ما حدث أخيراً في غينيا كوناكري”.
دول القارة الأفريقية منذ الاستقلال وحتى الآن شهدت قرابة الـ 200 انقلاب، منهم أكثر من 100 انقلاب نجح الانقلابين في الوصول إلى السلطة وبنفس الأسلوب.. وهو مايجعل هذه الدول لقمة سائغة أمام جماعات العنف والتطرف الموجودة داخل أفريقيا عموماً…و ما حدث في غينيا مؤخراً هو استنساخ لما جرى في موريتانيا والنيجر ومحاولة الانقلاب في تشاد وغيرها من دول المنطقة.
وجاء انقلاب غينيا الأخير وسط حالة من عدم استقرار عميقة في جميع أنحاء غرب أفريقيا؛ ووقع بعد أسابيع فقط من قيام الجيش في مالي المجاورة بانقلاب ثان خلال عام؛ وقبلها قام الجيش التشادي بانقلاب في أبريل الماضي ليحل محل الرئيس الراحل إدريس ديبي ابنه بعد مقتله في معركة ضد معارضين مسلحين.
ورغم ثراء غينيا بالموارد الطبيعية، إلا أنّ سنوات الاضطرابات وسوء الإدارة، جعلت من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، واحدة من أفقر دول العالم.
انقلاب غينيا ألقى بمخاوفه حتى على بعض الدول الكبرى حيث تمتلك غينيا أكبر احتياطيات من البوكسيت في العالم، وهو خام يستخدم في إنتاج الألمنيوم، وأدى الوضع الحالي في البلاد إلى ارتفاع أسعار المعدن إلى أعلى مستوى له خلال عشر سنوات بسبب مخاوف من زيادة تعطل الإمدادات…
لكن الخاسر الأكبر هو الشعب الغيني الذي يعاني هشاشة الوضع الاقتصادي وانهيار الوضع الأمني ومن غد مجهول في ظل الصراعات التي تستهدف الاستيلاء على السلطة والثروة في البلاد .