كلمة فخامة رئيس مجلس النواب خلال تكريمه من قبل النقابة العامة للمعلمين
كلمة فخامة رئيس مجلس النواب خلال تكريمه من قبل النقابة العامة للمعلمين
“بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أكرم الأنبياء والمرسلين، أشكر السادة بنقابة المعلمين على هذه الدعوة وأشكر الحضور الكريم من السادة والأساتذة المعلمين.
يسعدني في البداية أن أعبّر عن خالص احترامي وتقديري لكل معلم ومعلمة بذل جهدًا في أداء واجبه من أجل تعليم وتربية أبناء هذا الوطن في ظروف صعبة للغاية.
السادة والسيدات.. العلم هو السبب والسبيل إلى الإيمان، وإذا كان العدل هو جماع الشريعة الإسلامية وأهم مقاصدها، فإن الله سبحانه وتعالى وملائكته وأولي العلم، هم الذين نهضوا بما حضّ عليه سبحانه وتعالى من العدل، فقال تعالى: ” شَهِد اللّه أَنَّه لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”.
العلم هو الذي يبعث الحياة في الأحياء، وهو الفكر الذي يجسّد العمل، ولهذا كان أول كلمة نطق بها الوحي في رسالة الإسلام “اقرأ” تكليف بصيغة الأمر والوجوب مقتضاه العلم والتعليم، وهي من نعم الله على عباده، فصاحب هذا الأمر هو الله الذي علم بالقلم وأقسم بالقلم، أداة الفكر والعلم والبيان، قال تعالى: “عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ” إن ربكم الذي علم خلقه الكتابة بالقلم علّم الإنسان ما لم يكن يعلم، ونقله من ظلمة الجهل إلى نور العلم.
السيدات والسادة.. أوجب الإسلام على المسلم والمسلمة تعلّم ما تقضي به العقيدة والعبادة والمعاملة، وحضّنا على الاهتمام بالعلم والتعلم والتعليم.
كما جاء في حديث روي عن الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “مَن سَلَك طَرِيقا يَبْتَغِي فِيه عِلْما سَلَك اللَّه بِه طَرِيقًا إِلَى الجَنَّة، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمر عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِب”.
فعندما يفخر العلماء والخبراء والأطباء والمهندسون والقضاة والساسة بما لديكم من علم ومعرفة؛ يفخر المعلم بأنه علّم كل هؤلاء.
أيّها السادة قيمة العلم هي أساس التفاضل بين الناس، رتبة العلم هي أكبر الرتب، ذلك يعني أن رتبة المعلم هي أكبر الرتب، وقد حرص الإسلام على العلم عقيدة وشريعة وأخلاقًا، ويدخل في ذلك علوم الكيمياء والفيزياء، والأحياء، والهندسة وغيرها من العلوم..
وكيف لا وقد برز من العلماء المسلمين علماء أفذاذ خدموا البشرية وعلموا العالم.
أنتم من علمتم الطبيب والمهندس والقاضي والمحامي والمزارع والسياسي، ولا نهوض لمجتمع دون اهتمام بالمعلم والعملية التعليمية، بل ولا يمكنه طيّ صفحات الصراع السياسي والفكري والمسلح، الذي غرقت فيه ليبيا منذ سنوات طويلة إلا بانخراط الأجيال الجديدة في نشاط تعليمي تربوي مدروس ومتواصل، ينقّي ما علق في أذهان النشء من صور النزاع والكراهية والحقد الفوضى.
قال الشاعر:
العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها.. والجهل يهدم بيوت العز والكرم
وقال الشاعر:
تعلم فليس المرء يولد عالمـاً… وليس أخو علم كمن هو جاهل
إن كبير القوم لا علم عنده.. صغير اذا التفت عليه المحافل
وقال: فـفـز بعلم تعش حيـاً به أبــدا.. الناس موتى وأهل العلم أحياء
السيدات والسادة.. من المعروف أن نهضة أي شعب سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، تقوم على التعليم، ولكن الأولوية ليس فقط في زيادة المدارس، وإنما العمل على إيجاد مدارس المستقبل، التي تعلم كيفية التفكير، وتعتمد على أحدث الوسائل التعليمية والتكنولوجية في التعليم، ولا تقف عند حد تعليم المنهج وإنما تؤدي دورا اجتماعيا في حياة الطالب، على سبيل المثال متابعة حالته الصحية حيث إن تربية النشء ليست مسألة عقلية فقط، وإعادة الهيبة للمعلم ويكون قدوة لطلابه فالالتزام بالمواعيد والمحافظة على محتويات المدرسة ونظافتها، وغرس ثقافة احترام القانون والنظام، وحفظ مؤسسات الدولة، والحرص على تخريج علماء وليس منح الشهادات فقط، وتبصير الطلاب بأن الديمقراطية لا تعني الفوضى، ولا يمكن احترام الحقوق والحريات دون احترام لسيادة القانون.
السيدات والسادة.. الجهل موت للضمير، وذبح للحياة، ومحق للعمر، إني أعظك أن تكون من الجاهلين، والعلم نور للبصيرة وحياة للروح، فاحرصوا على تعليم أولادنا، واقضوا على الأمية في أسرع وقت؛ لتحقيق السعادة لكل المواطنين عن طريق العلم والتعلم “وقل ربّ زني علما”.
واعلموا أن قيمة المرء ليست في ماله ولا ثوبه ولا قصره، وإنما قيمته ووزنه في علمه، وحِلمه وكرمه وعقله وتواضعه، إن أكرمكم عند الله أتقاكم
إننا نطمح أن تخرجوا لنا شبابًا ينهضون الهمم، ويحرّكون القلوب، ويُحيون مكارم الأخلاق، ويدركون أن حب الوطن من أمهات الفضائل، وإن الخائن لوطنه ملعون على ألسنة الأنبياء والمرسلين والناس أجمعين، اغرسوا حب الوطن في نفوس طلابكم.
قال الشاعر:
رَضينا قِسمَةَ الجَبّارِ فينا.. لَنا عِلمٌ وَلِلجُهّالِ مالُ
فَإِنَّ المالَ يَفنى عَن قَريب.. وَإِنَّ العِلمَ باقٍ لا يزالُ
نيابة عن زملائي أعضاء مجلس النواب، أبلغكم تحياتهم وتقديرهم واهتمامهم، بالحصول على حقوقكم كاملة غير منقوصة.
وبالنسبة لي فإني احترمكم احترامًا أصيلًا وعميقًا، وأفضل أنواع الاحترام ذلك الذي يصدر حرًا من تلقاء ضميري لما تقومون به من عمل من أجل هذا الوطن الحبيب،
نتطلع إلى بذل مساعيكم معنا من أجل لم الشمل، والوصول إلى ليبيا آمنة مستقرة قوية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”