ليبيا- 6 يونيو 2022م (وام)
تعيش ليبيا على وقع أزمة غذاء مستقبلية، نتيجة عدة عوامل شكّلت منعطفا خطيرا لمستقبل البلاد، منها السياسية والاقتصادية والمناخية والخارجة عن الإرادة، بالإضافة للصراع القائم بين عديد الدول والحرب القائمة بأطراف أوروبا الشرقية، كل ذلك تسبب بأن تكون ليبيا عرضةً لأزمة غذاء تُهدّد مستقبلها.
ليبيا الضائعة وسط المعتركات السياسية و الانقسام الداخلي بين أطرافها طوال عقد مضى، تعاني من نزيف نتيجة الحروب السابقة، وغياب الاستقرار، هذه العوامل أدّت إلى توقّف عجلة التنمية والصناعة والإعمار، وهروب المستثمرين والشركات الكبرى، وتأثر سمعتها الخارجية وتصنيفها من بين الدول منعدمة الأمان،مما جعلها تجد صعوبة في استيراد حاجياتها الغذائية، خصوصاً بأنها تعتمد بشكل كبير على وارداتها من الدول الأخرى، على الرغم من الموقع الجغرافي إلى أن الحركة الملاحية والجوية مرت بتقلبات طيلة سنوات مضت.
واقتصادياً، كان للإيقافات المتكررة لقطاع النفط المصدر الأساسي القائم عليه اقتصاد البلاد، أثر كبير على ارتفاع تكلفة المكونات الأساسية للغذاء، وتسبب الانهيار الاقتصادي بضعف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، حيث فقدت قيمتها، وفقدت ليبيا ميزة كانت تمنحها يسارة في استيراد الأغذية، والأدوات والمعدات والآلات الكفيلة بالنهوض بقطاع الصناعة والزراعة وتطويره لمواجهة هذه الأزمة التي تخطت حدود العالم أجمع.
العوامل المناخية هي الأخرى أخذت نصيبها، فليبيا من الدول المهددة بالزوال نتيجة الاحتباس الحراري، والتغيرات المناخية التي تأثرت بمعطيات عديدة، حيث تسيطر الصحراء على النسبة الأكبر من مساحة البلاد، وانتشار التصحر في مدنها وقراها وأريافها، دون قيام حلول جذرية وتدابير وقائية لمواجهة هذه العوامل، ألقى بظلاله على قطاع الزراعة بشكل كبير.
وفي مطلع عام 2020م نتيجة الإغلاق الإجباري لدول العالم نتيجة تفشي جائحة كورونا، أظهر أن ليبيا غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية
ذاتياً، و في المقابل شهدت السلع الغذائية ارتفاعا جنونيّا غير مسبوق في تاريخ البلاد التي كانت عاجزة حتى على توفير الكميات المناسبة من الأكسجين أو المواد الطبية، ولو استمر الإغلاق الذي حدث، كانت البلاد ستشهد أزمة سريعة الانتشار.
لتأتي الحرب الروسية الأوكرانية هي الأخرى لتنبئ بأزمة خبز عالمية، فالدولتان من أكبر مصدري القمح والشعير، وتعتمد ليبيا بشكل كبير على وارداتها من القمح والشعير من أوكرانيا، وارتفع مجدداً سعر رغيف الخبز أكثر مما هو مرتفع، دون نسيان السلع الغذائية الأخرى، فليبيا في الحالة لن تكون الوحيدة في الخندق بمشاركة دول العالم أجمع في هذه الأزمة، الذي بدوره سيؤدي لعدم مراعاة ما تعاني منه من ظروف داخلية يجعلها ذات خصوصية.
مستقبل غير معلوم الملامح من ناحية الأمن الغذائي يصيب العالم أجمع، في حين تنتظر ليبيا مصيرها وهي تعاني مسبقاً من تداعيات هذه الأزمة، باعتبار أن الأمان الغذائي فيها مهدد قبيل نشوب هذه الأزمة عالمياً.