سرت- 8 يونيو 2022م (وام)
بعد اعتمادها من الجهة التشريعية في البلاد، مجلس النواب، ولدت حكومة فتحي باشاغا من رحم المعاناة، ووضعت في موقف لا يحسد عليه برفض الحكومة المنتهية ولايتها تسليم السلطة، متخذة لطرابلس وكراً تختبئ فيه خلف مليشيات مسلحة لا تنفك عن التناحر فيما بينها بين المدنيين.
باشاغا دخل طرابلس بالترحاب وفرحة أهاليها وكان بمقدور حكومته أن تسيطر على طرابلس بقوة السلاح، لكنّها اختارت السلم وتجنب إراقة الدماء، بل إن الرجل -في مشهد غاب على ليبيا مُنذ عقد- نجح في جمع أهالي مصراتة داخل سرت رفقة إخوانهم من شرق وجنوب البلاد، في خطوة تبشّر بأن الذي مضى لن يمنع من وحدة الفرقاء، والذي أكّده القيادي العسكري بمدينة مصراتة سالم جحا ووافقته قيادات مصراتة العسكرية والمدنية.
في جنوب ليبيا تحديدًا مدينة سبها التي كانت نقطة الانطلاقة للحكومة بعقد مجلس وزرائها أول اجتماع له فيها، أعدت فيه آليات بداية العمل ومباشرة المهام، ومن ثمّ تعقد اجتماعها الثاني في شرق البلاد بمدينة الزهور درنة؛ لإيصال رسالة مفادها أن الحكومة جاءت لكل الليبين دون استثناء.
وفي المدينة التي تتوسط البلاد، سرت، باشرت الحكومة مهامها، بعقد اجتماع تشاوري، لتجهيز عددٍ من المقار الإدارية اللازمة لضمان عمل باقي الوزارات والمؤسسات الحكومية بالشكل الأمثل، بالإضافة لبحث الترتيبات اللازمة لعقد اجتماع مجلس الوزراء الثالث المزمع عقده الأسبوع القادم بسرت.
رئيس الحكومة مخاطبًا وزراءها قائلاً :” لدينا واجب وطني تجاه أبناء الشعب الليبي، وليس في صالح مشروعنا الوطني الذي تبنيناه أن نؤجل عمل الحكومة، ولذلك قررنا ممارسة أعمالنا من مدينة سرت.” مضيفًا: “سوف أحرص رفقة أعضاء حكومتي على التجول في كافة أرجاء البلاد عزمًا منّا على التواصل المباشر مع المواطنين والوقوف عن كثب على المختنقات التي تعانيها البلديات، واتخاذ كافة الخطوات لترسيخ مبدأ اللامركزية”.
في مدة وجيزة تعمل الحكومة دون كلل أو ملل، حيث يقوم باشاغا بجولات بين الدول العربية والغربية ، مؤكداً أن الحكومة تفادت الدخول في مستنقع الدماء والحروب تجاه حكومة الدبيبة المصرة على إشعال فتيل الحروب والفرقة من جديد، والذي لاقى الثناء من قبل البعثة الأممية وكبرى الدول الفعالة في الشأن الليبي.
نائبا باشاغا هنا وهناك يعقدان الاجتماعات ويتابعان قطاعات البلاد ومرافقها الحيوية، وإعداد الهيكلية والآلية للتطوير على جميع الأصعدة، فيما يقوم وزير الداخلية بإعادة ترميم الوزارة، بينما المالية تسعى لإرساء العدل بين الليبين من خلال قانون مرتبات موحد، وتشهد باقي الوزرات خطوات ومجهودات ستبصر النور عما قريب.
حكومة قبل أن تعتمد ميزانيتها من مجلس النواب، أخذت على عاتقها ملف المصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والتنمية والبناء، والمساهمة في توحيد المؤسسات على رأسها السيادية، تمضي في كل بقعة من الوطن؛ بُغية جمع الليبين على كلمة واحدة، معلنةً استعدادها لتسليم السلطة نظير أن تمضي ليبيا من المصاب الجلل القابعة فيه منذ سنين.