تايوان – 3 اغسطس 2022م (وام)
في حين انصب التركيز على الحرب الروسية الأوكرانية، تناسى العالم صراعاً تاريخيّاً آخر، ممتد مُنذ عقود بين الصين وتايوان، فجذور الصراع كانت من منتصف القرن الماضي، مع انتصار الشيوعيين في الحرب الأهلية على القوميين المسيطرين على الحكم منذ العام 1912 حتى 1949، وهي السنة التي شهدت سيطرة الشيوعيين على البرّ الرئيس للصين، وفرار القوميين إلى تايوان، المعلنة ممثلًا أساسًا للصين ومقرّاً للحكومة المكلّفة باستعادة البر من قبضة الشيوعيين، دون تمكنهم من ذلك.
عام 1971، شهد إقصاء تايوان بشكل رسمي من الأمم المتحدة ومنح مقعدها لجمهورية الصين الشعبية بقيادة الشيوعيين، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة ذلك، ليعلن رسمياً انتهاء الحرب بين تايبيه وبكين بعام 1991، إلا أن العلاقة ظلّت بعيدة عن المقترح القائم على مبدأ دولة واحدة بنظامين، الذي قوبل بالرفض من تايبيه.
الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في خطاب له حول تايوان في الذكرى الـ110 للثورة على آخر السلالات الإمبراطورية الصينية، أكد على حصرية خيار الوحدة مع تايبيه، الداعم لقانون مناهضة الانفصال الذي أقرّته بكين في عام 2004، الذي ينصّ على حقّ الصين في استخدام “الوسائل غير السلمية” ضد تايوان إذا حاولت الانفصال.
الولايات المتحدة التي حافظت على وجودها العسكري في تايوان حتى العام 1979، وهو العام الذي اعترفت فيه واشنطن بأحقّية بكين بتمثيل الصين، القاطعة لعلاقتها الدبلوماسية مع تايوان، أصدر الكونغرس بها، قانونًا ينصّ على التزام واشنطن بالحفاظ على القدرات الدفاعية التايوانية بما يحميها من هجمات بر الرئيس الصيني، دون تقديم تعهّد بالتدخّل المباشر.
الرئيس الأمريكي جو بايدن أشعل لهيب التصريحات بين واشنطن وبكين، حين قال: “إن الصين تلعب بالنار بشأن تايوان” مؤكدا أن بلاده، ستساعد في الدفاع عنها ضد أي غزو صيني، مضيفاً: “هذا التزام قطعناه على أنفسنا”؛ فيما قال المتحدث باسم الخارجية الصينية أنه يتعين على الولايات المتحدة عدم الدفاع عن استقلال تايوان ولا مجال للتهاون أو تقديم تنازلات في أمور تتعلق بسيادة الصين ووحدة أراضيها، وأنها مستعدة للدفاع عن مصالحها فيما يتعلق بتايوان.
رئيس مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بعد هبوط طائرتها في تايوان أشارت لدعم بلادها، مؤكدة أن واشنطن تعهدت قبل 43 عاما بالوقوف إلى جانب تايبيه “، في زيارة لأعلى مسؤولة أميركية منذ عام 1997؛ الذي قوبل باستدعاء بكين السفير الأميركي، محذرةً إياه بأن واشنطن ستدفع الثمن وأولئك الذين يلعبون بالنار سيهلكون بها”،
وعلى وقع وصول بيلوسي، نشرت البحرية الأميركية 4 سفن حربية شرقي تايوان التي قالت عبر وزارة دفاعها إن 21 مقاتلة صينية دخلت مجالها الجوي، بينما أشارت مصادر إعلامية لتحريك الصين اثنتين من حاملات طائراتها، كما أعلنت وزارة الدفاع الصينية أن الجيش الصيني في حالة تأهب قصوى وستجرى عمليات عسكرية محددة ردا على الزيارة.
منعرج مفصلي تمر به تايوان التي تملك مقدّرات اقتصادية وناتجاً محليّاً يبلغ نحو 636 مليار دولار، يضعها في المرتبة السابعة ضمن الاقتصاديات الآسيوية، والـ21 عالميّاً، والمشهورة بموقعها المتقدّم على خارطة الصناعات التكنولوجية، تعيش اليوم على وقع تنذر عواقبه، بأضرار عالمية تشكل خطراً على مستقبله.